‏إظهار الرسائل ذات التسميات لِـ نزار قباني. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات لِـ نزار قباني. إظهار كافة الرسائل

الكبريت و الأصابع

أخذ الكبريتَ .. وأشَعلَ لي
ومَضىَ كالصيف المُرتحل ..
وجمدتُ بأرضي ، وابتدأت
تأكُلنُي النارُ على مهملِ ..
من هذا الفارسُ ؟ طارَ لهُ
في صدري زوجٌ من خجلِ
لم أعرف منهُ سوى يدهِ
قالت عيناهُ ولم يقُلِ
رجُلٌ يمنحني شُعلتهُ
ما أطيبَ رائحةَ الرجُلِ
يدُهُ تتحدَّثُ دون فمٍ
كحوار الشمعِ المُشتعلِ
وعروقٌ زُرقٌ نافرةٌ
ضيَّعها الليلُ فلم تصلِ
راقبتُ نحولَ أصابعهِ
ودرستُ تعابيرَ يديهِ
وأحطتُ بأشواقي ظفراً
آثارُ التدخينِ عليهِ
وعبدتُ بقيَّة إرهاقٍ
تحتلُّ جوانبَ عينيهِ
والتعب الأزرقَ تحتهُما
وهُطولَ الثلج بصدغيهِ
ووقفتُ أمامَ رجولتهِ
كصغيرٍ ضيَّع أبويهِ
كالأرنبِ .. ما .. ما أصغرني
ياربَّي بينَ ذراعيهِ
أتعلَّقُ فيهِ .. وأتبعُهُ
وأغوصُ بريش جناحيهِ
أأحبُّ يداً .. لا أعرفُها
ماذا يربطُني بيديه ؟.

أخبروني , نزار قباني

أخبرُوني بأنَّ حسناءَ غيري
يا صديقتي ، لديك حلَّت محلَّي
أخبرُوني بالأمس .. عنكَ وعنها
فلماذا يا سيَّدي لم تقُل لي ؟
ألفَ شُكرٍ .. يا ذابحاً كبريائي
أوهذا جوابُ حُبَّي وبذلي ؟
أنا أعطيتُك الذي ليس يُعطى
من حياتي ، وأنت حاولت قتلي
يارخيصَ الأشواق .. خمسُ سنينٍ
كنتُ أبني علىدخانٍ ورملِ
كانَ عطري لديكَ أجمل عطرٍ
كان شعري عليكَ شلاَّل ظلَّ
كان ثوبي البنفسجيَّ ربيعاً
كم على زهره جلستَ تُصلََّي
وأنا اليوم لستُ عندكَ شيئاً
أينَ عينايَ . أين طيبي وكُحلي؟
لا تُلامس يدي بغير شُعورٍ
عندك الان من تحلُّ محلَّي
سأصلّي .. لكي تكونَ سعيداً
في هواها ، فهل تُصلَّي لأجلي؟
أنت طفلي الصغيرُ.. أنتَ حبيبي
كيف أقسو على حبيبي وطفلي؟
هي في غُرفة انتظاركَ .. فاذهب
بينَ أخضانِها ستعرفُ فضلي
يا صديقي . شُكراً . أنا أتمنَّى
لو وجدتَ التي تُحبُّك مثلي..

وكان في بغداد يا حبيبتي، في سالف الزمان خليفةٌ له ابنةٌ جميله - نزار قباني

 وكان في بغداد يا حبيبتي، في سالف الزمان
خليفةٌ له ابنةٌ جميله..

عيونها.
طيران أخضران..
وشعرها قصيدةٌ طويله..
سعى لها الملوك والقياصره..
وقدموا مهراً لها..
قوافل العبيد والذهب
وقدموا تيجانهم
على صحافٍ من ذهب..
ومن بلاد الهند جاءها أمير..
ومن بلاد الصين جاءها الحرير..
لكنما الأميرة الجميله
لم تقبل الملوك والقصور والجواهرا..
كانت تحب شاعرا..
يلقي على شرفتها
كل مساءٍ وردةً جميله
وكلمةً جميله..
تقول شهرزاد:
.. وانتقم الخليفة السفاح من ضفائر الأميره
فقصها..
ضفيرةً.. ضفيره..
وأعلنت بغداد – يا حبيبتي- الحداد
عامين..
أعلنت بغداد – يا حبيبتي – الحداد
حزناً على السنابل الصفراء كالذهب
وجاعت البلاد..
فلم تعد تهتز في البيادر
سنبلةٌ واحدةٌ..
أو حبةٌ من العنب..
وأعلن الخليفة الحقود
هذا الذي أفكاره من الخشب
وقلبه من الخشب
عن ألف دينارٍ لمن يأتي برأس الشاعر.
وأطلق الجنود..
ليحرقوا..
جميع ما في القصر من ورود..
وكل ما في مدن العراق من ضفائر.
*
سيمسح الزمان، يا حبيبتي..
خليفة الزمان..
وتنتهي حياته
كأي بهلوان..
فالمجد .. يا أميرتي الجميله..
يا من بعينها، غفا طيران أخضران
يظل للضفائر الطويله..
والكلمة الجميله..

نزار قبانى

 
-->

إن كنت صديقي ساعدني كي أرحل عنك أو كنت حبيبي ساعدني كي أشفى منك - نزار قباني


إن كنت صديقي.. ساعدني
كي أرحل عنك..
أو كنت حبيبي.. ساعدني
كي أشفى منك
لو أني أعرف أن الحب خطيرٌ جداً
ما أحببت
لو أني أعرف أن البحر عميقٌ جداً
ما أبحرت..
لو أني أعرف خاتمتي
ما كنت بدأت…
إشتقت إليك.. فعلمني
أن لا أشتاق
علمني
كيف أقص جذور هواك من الأعماق
علمني
كيف تموت الدمعة في الأحداق
علمني
كيف يموت القلب وتنتحر الأشواق
*
إن كنت نبياً .. خلصني
من هذا السحر..
من هذا الكفر
حبك كالكفر.. فطهرني
من هذا الكفر..
إن كنت قوياً.. أخرجني
من هذا اليم..
فأنا لا أعرف فن العوم
الموج الأزرق في عينيك.. يجرجرني نحو الأعمق
وأنا ما عندي تجربةٌ
في الحب.. ولا عندي زورق..
إن كنت أعز عليك .. فخذ بيدي
فأنا عاشقةٌ من رأسي .. حتى قدمي
إني أتنفس تحت الماء..
إني أغرق..
أغرق..
أغرق..

نزار قبانى


-->

نهارَ دخلتِ عليَّ في صبيحة يومٍ من أيام آذارْ

نهارَ دخلتِ عليَّ

في صبيحة يومٍ من أيام آذارْ

كقصيدةٍ جميلةٍ .. تمشي على قَدَمَيْها

دخلت الشمسُ معك..

ودخل الربيعُ معك..

كان على مكتبي أوراقٌ.. فأورقَتْ

وكان أمامي فنجانُ قهوة

فشربني قبل أن أشربه

وكان على جداري لوحةٌ زيتية

وكان على جداري لوحةٌ زيتية

لخيول تركض..

فتركتْني الخيولُ حين رأتكِ

وركضتْ نحوك..

نزار قبانى

قضي الامر و اصبحت حبيبتي - نزار قباني

قُضيَ الأمرُ.. وأصبحتِ حبيبتي
قُضيَ الأمر..
ودخلتِ في طيّات لحمي.. كالظفر الطويلْ..
كالزِرِّ في العُرْوَة..
كالحَلَق في أُذُن امرأةٍ إسبانية..
*
لن تستطيعي بعد اليوم..
أن تحتجّي..
بأنّي مَلِكٌ غيرُ ديمُقراطي
فأنا في شؤون الحُبِّ.. أصنعُ دساتيري
وأحكم وحدي.
هل تستشير الورقةُ الشجرةَ قبل أن تطلع؟
هل يستشير الجنينُ أمَّه قبل أن ينزل؟
هل يستشير النهدُ الغلالة..
قبل أن يتكوَّر؟
*
كوني إذَنْ حبيبتي
واسكتي..
ولا تناقشيني في شرعيّة حبّي لكِ
لأن حبّي لكِ شريعةٌ
أنا أكتُبها..
وأنا أنفّذها..
أما أنتِ..
فمهمّتك أن تنامي كزهرة مارغريت
بين ذراعيّ
وتتركيني أحكمُ..
مهمّتك يا حبيبتي
أنْ تظلي حبيبتي..

قُضيَ الأمرُ.. وأصبحتِ حبيبتي
قُضيَ الأمر..
ودخلتِ في طيّات لحمي.. كالظفر الطويلْ..
كالزِرِّ في العُرْوَة..
كالحَلَق في أُذُن امرأةٍ إسبانية..
*
لن تستطيعي بعد اليوم..
أن تحتجّي..
بأنّي مَلِكٌ غيرُ ديمُقراطي
فأنا في شؤون الحُبِّ.. أصنعُ دساتيري
وأحكم وحدي.
هل تستشير الورقةُ الشجرةَ قبل أن تطلع؟
هل يستشير الجنينُ أمَّه قبل أن ينزل؟
هل يستشير النهدُ الغلالة..
قبل أن يتكوَّر؟
*
كوني إذَنْ حبيبتي
واسكتي..
ولا تناقشيني في شرعيّة حبّي لكِ
لأن حبّي لكِ شريعةٌ
أنا أكتُبها..
وأنا أنفّذها..
أما أنتِ..
فمهمّتك أن تنامي كزهرة مارغريت
بين ذراعيّ
وتتركيني أحكمُ..
مهمّتك يا حبيبتي
أنْ تظلي حبيبتي..

ذات العينين السوداوين

ذات العينين السوداوين
ذات العينين الصاحيتين الممطرتين
لا أطلب أبدا من ربي
إلا شيئين
أن يحفظ هاتين العينين
ويزيد بأيامي يومين
كي أكتب شعرا
في هاتين اللؤلؤتين

-->

نزار قباني : علمت أطفال العالم كيف يهجون اسمك

علّمتُ أطفالَ العالم

كيف يهجّون اسمكِ..

فتحولت شفاهُهُم إلى أشجار توتْ.

أصبحتِ يا حبيبتي..

في كُتُب القراءة ، وأكياس الحلوى.

خبأتُكِ في كلمات الأنبياء

ونبيذ الرهبان.. ومناديل الوداع

رسمتكِ على نوافذ الكنائس

ومرايا الحُلُم..

وخشب المراكب المسافرة..

أعطيتُ أسماكَ البحر..

عنوانَ عينيكِ

فنسيتْ عناوينها القديمة

أخبرتُ تجّار الشرق..

عن كنوز جسدك..

فصارت القوافل الذاهبةُ إلى الهند

لا تشتري العاج

إلا من أسواق نهديك..

أوصيتُ الريحَ

أن تمشّط خصلات شعرك الفاحم

فاعتذرتْ.. بأنَّ وقتها قصيرْ..

وشعركِ طويلْ..


نزار قباني

 
-->

يسمعني حين يراقصني كلمات ليست كالكلمات

يُسمعني.. حـينَ يراقصُني
كلماتٍ ليست كالكلمات

يأخذني من تحـتِ ذراعي
يزرعني في إحدى الغيمات

والمطـرُ الأسـودُ في عيني
يتساقـطُ زخاتٍ.. زخات

يحملـني معـهُ.. يحملـني
لمسـاءٍ ورديِ الشُـرفـات

وأنا.. كالطفلـةِ في يـدهِ
كالريشةِ تحملها النسمـات

يحمـلُ لي سبعـةَ أقمـارٍ بيديـهِ
وحُزمـةَ أغنيـات

يهديني شمسـاً.. يهـديني
صيفاً.. وقطيـعَ سنونوَّات

يخـبرني.. أني تحفتـهُ
وأساوي آلافَ النجمات

و بأنـي كنـزٌ... وبأني
أجملُ ما شاهدَ من لوحات

يروي أشيـاءَ تدوخـني
تنسيني المرقصَ والخطوات

كلماتٍ تقلـبُ تاريخي
تجعلني امرأةً في لحظـات

يبني لي قصـراً من وهـمٍ
لا أسكنُ فيهِ سوى لحظات

وأعودُ.. أعودُ لطـاولـتي
لا شيءَ معي.. إلا كلمات


-->

اني خيرتك فاختاري لنزار قباني

إختاري

إني خيرتك فاختاري
ما بين الموت على صدري..
أو فوق دفاتر أشعاري..
إختاري الحب.. أو اللاحب
فجبنٌ ألا تختاري..
لا توجد منطقةٌ وسطى
ما بين الجنة والنار..
إرمي أوراقك كاملةً..
وسأرضى عن أي قرار..
قولي. إنفعلي. إنفجري
لا تقفي مثل المسمار..
لا يمكن أن أبقى أبداً
كالقشة تحت الأمطار
إختاري قدراً بين اثنين
وما أعنفها أقداري..
مرهقةٌ أنت.. وخائفةٌ
وطويلٌ جداً.. مشواري
غوصي في البحر.. أو ابتعدي
لا بحرٌ من غير دوار..
الحب مواجهةٌ كبرى
إبحارٌ ضد التيار
صلبٌ.. وعذابٌ.. ودموعٌ
ورحيلٌ بين الأقمار..
يقتلني جبنك يا امرأةً
تتسلى من خلف ستار..
إني لا أؤمن في حبٍ..
لا يحمل نزق الثوار..
لا يكسر كل الأسوار
لا يضرب مثل الإعصار..
آهٍ.. لو حبك يبلعني
يقلعني.. مثل الإعصار..
إني خيرتك.. فاختاري
ما بين الموت على صدري
أو فوق دفاتر أشعاري
لا توجد منطقةٌ وسطى
ما بين الجنة والنار..

نزار قبانى


-->

نزارقباني هذا انا

هذا أنا
********
أدمنت أحزاني

فصرت أخاف أن لا أحزنا

وطعنت آلافاً من المرات

حتى صار يوجعني ، بأن لا أطعنا

ولعنت في كل اللغات ..

وصار يقلقني بأن لا ألعنا ...

ولقد شنقت على جدار قصائدي

ووصيتي كانت ..

بأن لا أدفنا .

نزار قباني

يا امرأةً، طباعها أشبه بالفصول

يا امرأةً، طباعها أشبه بالفصول
فثم نهدٌ صامتٌ
وثم نهدٌ يقرع الطبول..
ومرةً،
حدائقٌ مفتوحةٌ
ومرةً،
عواصفٌ مجنونةٌ
ومرةً، سيول..
فكلما أشرقت الشمس على نوافذي
بكى على شراشفي أيلول.
نسيت تاريخي، وجغرافيتي
فلا أنا على خطوط العرض
ولا أنا على خطوط الطول.

نزار قباني

نزار قباني لنفترق قليلا

لنفترق قليلا..

لخيرِ هذا الحُبِّ يا حبيبي
وخيرنا..
لنفترق قليلا
لأنني أريدُ أن تزيدَ في محبتي
أريدُ أن تكرهني قليلا
بحقِّ ما لدينا..
من ذِكَرٍ غاليةٍ كانت على كِلَينا..
بحقِّ حُبٍّ رائعٍ..
ما زالَ منقوشاً على فمينا
ما زالَ محفوراً على يدينا..
بحقِّ ما كتبتَهُ.. إليَّ من رسائلِ..
ووجهُكَ المزروعُ مثلَ وردةٍ في داخلي..
وحبكَ الباقي على شَعري على أناملي
بحقِّ ذكرياتنا
وحزننا الجميلِ وابتسامنا
وحبنا الذي غدا أكبرَ من كلامنا
أكبرَ من شفاهنا..
بحقِّ أحلى قصةِ للحبِّ في حياتنا
أسألكَ الرحيلا

لنفترق أحبابا..
فالطيرُ في كلِّ موسمٍ..
تفارقُ الهضابا..
والشمسُ يا حبيبي..
تكونُ أحلى عندما تحاولُ الغيابا
كُن في حياتي الشكَّ والعذابا
كُن مرَّةً أسطورةً..
كُن مرةً سرابا..
وكُن سؤالاً في فمي
لا يعرفُ الجوابا
من أجلِ حبٍّ رائعٍ
يسكنُ منّا القلبَ والأهدابا
وكي أكونَ دائماً جميلةً
وكي تكونَ أكثر اقترابا
أسألكَ الذهابا..

لنفترق.. ونحنُ عاشقان..
لنفترق برغمِ كلِّ الحبِّ والحنان
فمن خلالِ الدمعِ يا حبيبي
أريدُ أن تراني
ومن خلالِ النارِ والدُخانِ
أريدُ أن تراني..
لنحترق.. لنبكِ يا حبيبي
فقد نسينا
نعمةَ البكاءِ من زمانِ
لنفترق..
كي لا يصيرَ حبُّنا اعتيادا
وشوقنا رمادا..
وتذبلَ الأزهارُ في الأواني..
كُن مطمئنَّ النفسِ يا صغيري
فلم يزَل حُبُّكَ ملء العينِ والضمير
ولم أزل مأخوذةً بحبكَ الكبير
ولم أزل أحلمُ أن تكونَ لي..
يا فارسي أنتَ ويا أميري

لكنني.. لكنني..
أخافُ من عاطفتي
أخافُ من شعوري
أخافُ أن نسأمَ من أشواقنا
أخاف من وِصالنا..
أخافُ من عناقنا..
فباسمِ حبٍّ رائعٍ
أزهرَ كالربيعِ في أعماقنا..
أضاءَ مثلَ الشمسِ في أحداقنا
وباسم أحلى قصةٍ للحبِّ في زماننا
أسألك الرحيلا..
حتى يظلَّ حبنا جميلا..
حتى يكون عمرُهُ طويلا..
أسألكَ الرحيلا..

نزار قبانى

أحبك أحبك والبقية تأتي

 أحبك أحبك والبقية تأتي 

حديثك سجادةٌ فارسيه..
وعيناك عصفوتان دمشقيتان..
تطيران بين الجدار وبين الجدار..
وقلبي يسافر مثل الحمامة فوق مياه يديك،
ويأخذ قيلولةً تحت ظل السوار..
وإني أحبك..
لكن أخاف التورط فيك،
أخاف التوحد فيك،
أخاف التقمص فيك،
فقد علمتني التجارب أن أتجنب عشق النساء،
وموج البحار..
أنا لا أناقش حبك.. فهو نهاري
ولست أناقش شمس النهار
أنا لا أناقش حبك..
فهو يقرر في أي يوم سيأتي.. وفي أي يومٍ سيذهب..
وهو يحدد وقت الحوار، وشكل الحوار..
***
دعيني أصب لك الشاي،
أنت خرافية الحسن هذا الصباح،
وصوتك نقشٌ جميلٌ على ثوب مراكشيه
وعقدك يلعب كالطفل تحت المرايا..
ويرتشف الماء من شفة المزهريه
دعيني أصب لك الشاي، هل قلت إني أحبك؟
هل قلت إني سعيدٌ لأنك جئت..
وأن حضورك يسعد مثل حضور القصيده
ومثل حضور المراكب، والذكريات البعيده..
***
دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهي ترحب فيك..
دعيني، أعبر عما يدور ببال الفناجين،
وهي تفكر في شفتيك..
وبال الملاعق، والسكريه..
دعيني أضيفك حرفاً جديداً..
على أحرف الأبجديه..
دعيني أناقض نفسي قليلاً
وأجمع في الحب بين الحضارة والبربريه..
***
- أأعجبك الشاي؟
- هل ترغبين ببعض الحليب؟
- وهل تكتفين –كما كنت دوماً- بقطعة سكر؟
- وأما أنا فأفضل وجهك من غير سكر..
...............................................................
...............................................................
...............................................................
أكرر للمرة الألف أني أحبك..
كيف تريدينني أن أفسر ما لا يفسر؟
وكيف تريدينني أن أقيس مساحة حزني؟
وحزني كالطفل.. يزداد في كل يوم جمالاً ويكبر..
دعيني أقول بكل اللغات التي تعرفين والتي لا تعرفين..
أحبك أنت..
دعيني أفتش عن مفرداتٍ..
تكون بحجم حنيني إليك..
وعن كلماتٍ.. تغطي مساحة نهديك..
بالماء، والعشب، والياسمين
دعيني أفكر عنك..
وأشتاق عنك..
وأبكي، وأضحك عنك..
وألغي المسافة بين الخيال وبين اليقين..
***
دعيني أنادي عليك، بكل حروف النداء..
لعلي إذا ما تغرغرت باسمك، من شفتي تولدين
دعيني أؤسس دولة عشقٍ..
تكونين أنت المليكة فيها..
وأصبح فيها أنا أعظم العاشقين..
دعيني أقود انقلاباً..
يوطد سلطة عينيك بين الشعوب،
دعيني.. أغير بالحب وجه الحضارة..
أنت الحضارة.. أنت التراث الذي يتشكل في باطن الأرض
منذ ألوف السنين..
***
أحبك..
كيف تريديني أن أبرهن أن حضورك في الكون،
مثل حضور المياه،
ومثل حضور الشجر
وأنك زهرة دوار شمسٍ..
وبستان نخلٍ..
وأغنيةٌ أبحرت من وتر..
دعيني أقولك بالصمت..
حين تضيق العبارة عما أعاني..
وحين يصير الكلام مؤامرةً أتورط فيها.
وتغدو القصيدة آنيةً من حجر..
***
دعيني..
أقولك ما بين نفسي وبيني..
وما بين أهداب عيني، وعيني..
دعيني..
أقولك بالرمز، إن كنت لا تثقين بضوء القمر..
دعيني أقولك بالبرق،
أو برذاذ المطر..
دعيني أقدم للبحر عنوان عينيك..
إن تقبلي دعوتي للسفر..
لماذا أحبك؟
إن السفينة في البحر، لا تتذكر كيف أحاط بها الماء..
لا تتذكر كيف اعتراها الدوار..
لماذا أحبك؟
إن الرصاصة في اللحم لا تتساءل من أين جاءت..
وليست تقدم أي اعتذار..
***
لماذا أحبك.. لا تسأليني..
فليس لدي الخيار.. وليس لديك الخيار..

نزار قبانى

قصيدة من روائع الشاعر نزار قباني ( حبيبتي و المطر )

اخاف أن تمطر الدنيا ولست معي
فمنذ رحتِ وعندي عقدة المطر
كان الشتاء يغطيني بمعطفه
فلا أفكر في برد ولا ضجر
كانت الريح تعوي خلف نافذتي
فتهمسين تمسك هاهنا شعري
وألان اجلس والأمطار تجلدني
على ذراعي على وجهي على ظهري
فمن يدافع عني يا مسافرة
مثل اليمامة بين العين والبصر
كيف أمحوك من أوراق ذاكرتي
وأنت في القلب مثل النقش في الحجر
أنا أحبك يامن تسكنين دمي
إن كنتِ في الصين
أو إن كنتِ في القمر..


-->