ماذا... لماذا كلُّ هذا؟
يُسَلِّي نفسه، وهو يمشي وحيداً، بحديث
قصير مع نفسه. كلمات لا تعني شيئاً،
ولا تريد أن تعني شيئاً: «ماذا؟ لماذا
كل هذا؟» لم يقصد أن يتذمر أو
يسأل، أو يحكَّ اللفظة باللفظة لتقدح
إيقاعاً يساعده على المشي بخفَّةِ شاب.
لكن ذلك ما حدث. كلما كرَّر: ماذا...
لماذا كل هذا؟ أحسَّ بأنه في صحبة
صديق يعاونه على حمل الطريق. نظر
إليه المارة بلا مبالاة. لم يظن أحد أنه
مجنون. ظنّوه شاعراً حالماً هائماً يتلقّى
وحياً مفاجئاً من شيطان. أما هو، فلم
يَتَّهم نفسه بما يسيء اليها. ولا يدري
لماذا فكَّر بجنكيزخان. ربما لأنه رأى
حصاناً بلا سرج يسبح في الهواء، فوق
بناية مُهَدَّمة في بطن الوادي. واصل
المشي على إيقاع واحد: «ماذا... لماذا
كل هذا؟» وقبل أن يصل الى نهاية
الطريق الذي يسير عليه كل مساء، رأى
عجوزاً ينتحي شجرة أكاليبتوس، يسند
على جذعها عصاه، يفك أزرار سرواله
بيد مرتجفة، ويبوّل وهو يقول: ماذا...
لماذا كل هذا؟. لم تكتف الفتيات
الطالعات من الوادي بالضحك على العجوز،
بل رمينه بحبَّات فستق أخضر!
تعليقات: (0) إضافة تعليق