القائمة الرئيسية

الصفحات

محمود درويش: و عاد في كفن

ﻳﺤﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ
ﻳﺤﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺷﺠﻦ
ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻀﻰ
ﻭ ﻋﺎﺩ ﻓﻲ ﻛﻔﻦ
*
ﻛﺎﻥ ﺍﺳﻤﻪ .. .
ﻻ ﺗﺬﻛﺮﻭﺍ ﺍﺳﻤﻪ !
ﺧﻠﻮﻩ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ...
ﻻ ﺗﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ
ﺗﻀﻴﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ، ﻛﺎﻟﺮﻣﺎﺩ ...
ﺧﻠﻮﻩ ﺟﺮﺣﺎ ﺭﺍﻋﻔﺎ ... ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻀﻤﺎﺩ
ﻃﺮﻳﻘﻪ ﺇﻟﻴﻪ. ..
ﺃﺧﺎﻑ ﻳﺎ ﺃﺣﺒﺘﻲ ... ﺃﺧﺎﻑ ﻳﺎ ﺃﻳﺘﺎﻡ ...
ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻧﻨﺴﺎﻩ ﺑﻴﻦ ﺯﺣﻤﺔ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ
ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﻳﺬﻭﺏ ﻓﻲ ﺯﻭﺍﺑﻊ ﺍﻟﺸﺘﺎﺀ !
ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﻡ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ
ﺟﺮﺍﺡ ﻧﺎ ...
ﺃﺧﺎﻑ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﻡ !!
-2-
ﺍﻟﻌﻤﺮ ... ﻋﻤﺮ ﺑﺮﻋﻢ ﻻ ﻳﺬﻛﺮ ﺍﻟﻤﻄﺮ ...
ﻟﻢ ﻳﺒﻚ ﺗﺤﺖ ﺷﺮﻓﺔ ﺍﻟﻘﻤﺮ
ﻟﻢ ﻳﻮﻗﻒ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺑﺎﻟﺴﻬﺮ ...
ﻭ ﻣﺎ ﺗﺪﺍﻋﺖ ﻋﻨﺪ ﺣﺎﺋﻂ ﻳﺪﺍﻩ ...
ﻭ ﻟﻢ ﺗﺴﺎﻓﺮ ﺧﻠﻒ ﺧﻴﻂ ﺷﻬﻮﺓ ...ﻋﻴﻨﺎﻩ!
ﻭ ﻟﻢ ﻳﻘﺒﻞ ﺣﻠﻮﺓ ...
ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻐﺰﻝ
ﻏﻴﺮ ﺃﻏﺎﻧﻲ ﻣﻄﺮﺏ ﺿﻴﻌﻪ ﺍﻷﻣﻞ
ﻭ ﻟﻢ ﻳﻘﻞ : ﻟﺤﻠﻮﺓ ﺍﻟﻠﻪ !
ﺇﻻ ﻣﺮﺗﻴﻦ
ﻟﺖ ﺗﻠﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻪ ... ﻣﺎ ﺃﻋﻄﺘﻪ ﺇﻻ ﻃﺮﻑ ﻋﻴﻦ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﺘﻰ ﺻﻐﻴﺮﺍ ...
ﻓﻐﺎﺏ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻘﻬﺎ
ﻭ ﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻬﻮﻯ ﻛﺜﻴﺮﺍ !...
-3-
ﻳﺤﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ
ﻳﺤﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺷﺠﻦ
ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻀﻰ
ﻭ ﻋﺎﺩ ﻓﻲ ﻛﻔﻦ
ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﺣﻴﻦ ﺯﻏﺮﺩﺕ ﺧﻄﺎﻩ ﺧﻠﻒ ﺍﻟﺒﺎﺏ
ﻷﻣﻪ : ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ !
ﻣﺎ ﻗﺎﻝ ﻟﻸﺣﺒﺎﺏ ... ﻟﻸﺻﺤﺎﺏ :
ﻣﻮﻋﺪﻧﺎ ﻏﺪﺍ !
ﻭ ﻟﻢ ﻳﻀﻊ ﺭﺳﺎﻟﺔ ...ﻛﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ
ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻧﻲ ﻋﺎﺋﺪ ... ﻭ ﺗﺴﻜﺖ ﺍﻟﻈﻨﻮﻥ
ﻭ ﻟﻢ ﻳﺨﻂ ﻛﻠﻤﺔ ...
ﺗﻀﻲﺀ ﻟﻴﻞ ﺃﻣﻪ ﺍﻟﺘﻲ ...
ﺗﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ،
ﺗﻘﻮﻝ : ﻳﺎ ﻭﺳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﺮﻳﺮ !
ﻳﺎ ﺣﻘﻴﺒﺔ ﺍﻟﺜﻴﺎﺏ !
ﻳﺎ ﻟﻴﻞ ! ﻳﺎ ﻧﺠﻮﻡ ! ﻳﺎ ﺇﻟﻪ ! ﻳﺎ ﺳﺤﺎﺏ ! :
ﺃﻣﺎ ﺭﺃﻳﺘﻢ ﺷﺎﺭﺩﺍ ... ﻋﻴﻨﺎﻩ ﻧﺠﻤﺘﺎﻥ ؟
ﻳﺪﺍﻩ ﺳﻠﺘﺎﻥ ﻣﻦ ﺭﻳﺤﺎﻥ
ﻭ ﺻﺪﺭﻩ ﻭ ﺳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭ ﺍﻟﻘﻤﺮ
ﻭ ﺷﻌﺮﻩ ﺃﺭﺟﻮﺣﺔ ﻟﻠﺮﻳﺢ ﻭ ﺍﻟﺰﻫﺮ !
ﺃﻣﺎ ﺭﺃﻳﺘﻢ ﺷﺎﺭﺩﺍ
ﻣﺴﺎﻓﺮﺍ ﻻ ﻳﺤﺴﻦ ﺍﻟﺴﻔﺮ!
ﺭﺍﺡ ﺑﻼ ﺯﻭﺍﺩﺓ ، ﻣﻦ ﻳﻄﻌﻢ ﺍﻟﻔﺘﻰ
ﺇﻥ ﺟﺎﻉ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻪ ؟
ﻣﻦ ﻳﺮﺣﻢ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ؟
ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﻮﺍﺋﻞ ﺍﻟﺪﺭﻭﺏ !
ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻴﻚ ﻳﺎ ﻓﺘﻰ ... ﻳﺎ ﻭﻟﺪﺍﻩ !
ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻟﻬﺎ ، ﻳﺎ ﻟﻴﻞ ! ﻳﺎ ﻧﺠﻮﻡ !
ﻳﺎ ﺩﺭﻭﺏ ! ﻳﺎ ﺳﺤﺎﺏ !
ﻗﻮﻟﻮﺍ ﻟﻬﺎ : ﻟﻦ ﺗﺤﻤﻠﻲ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ
ﻓﺎﻟﺠﺮﺡ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺪﻣﻊ ... ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ! ﻟﻦ ﺗﺤﻤﻠﻲ ... ﻟﻦ
ﺗﺼﺒﺮﻱ ﻛﺜﻴﺮﺍ
ﻷﻧﻪ ...
ﻷﻧﻪ ﻣﺎﺕ ، ﻭ ﻟﻢ ﻳﺰﻝ ﺻﻐﻴﺮﺍ !
-4-
ﻳﺎ ﺃﻣﻪ !
ﻻ ﺗﻘﻠﻌﻲ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﻣﻦ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ !
ﻟﻠﺪﻣﻊ ﻳﺎ ﻭﺍﻟﺪﺗﻲ ﺟﺬﻭﺭ ،
ﺗﺨﺎﻃﺐ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ...
ﺗﻘﻮﻝ : ﻳﺎ ﻗﺎﻓﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ !
ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺗﻌﺒﺮﻳﻦ ؟
ﻏﻀﺖ ﺩﺭﻭﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ ... ﺣﻴﻦ ﺳﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻭﻥ
ﺳﺪﺕ ﺩﺭﻭﺏ ﺍﻟﺤﺰﻥ ... ﻟﻮ ﻭﻗﻔﺖ ﻟﺤﻈﺘﻴﻦ
ﻟﺤﻈﺘﻴﻦ !
ﻟﺘﻤﺴﺤﻲ ﺍﻟﺠﺒﻴﻦ ﻭ ﺍﻟﻌﻴﻨﻴﻦ
ﻭ ﺗﺤﻤﻠﻲ ﻣﻦ ﺩﻣﻌﻨﺎ ﺗﺬﻛﺎﺭ
ﻟﻤﻦ ﻗﻀﻮﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﻨﺎ ... ﺃﺣﺒﺎﺑﻨﺎ ﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ
ﻳﺎ ﺃﻣﻪ !
ﻻ ﺗﻘﻠﻌﻲ ﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﻣﻦ ﺟﺬﻭﺭﻫﺎ
ﺧﻠﻲ ﺑﺒﺌﺮ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺩﻣﻌﺘﻴﻦ !
ﻓﻘﺪ ﻳﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﻏﺪ ﺃﺑﻮﻩ ... ﺃﻭ ﺃﺧﻮﻩ
ﺃﻭ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﺃﻧﺎ
ﺧﻠﻲ ﻟﻨﺎ ...
ﻟﻠﻤﻴﺘﻴﻦ ﻓﻲ ﻏﺪ ﻟﻮ ﺩﻣﻌﺘﻴﻦ ... ﺩﻣﻌﺘﻴﻦ !
-5-
ﻳﺤﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻋﻦ ﺻﺎﺣﺒﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺍ
ﺣﺮﺍﺋﻖ ﺍﻟﺮﺻﺎﺹ ﻓﻲ ﻭﺟﻨﺎﺗﻪ
ﻭﺻﺪﺭﻩ ... ﻭﻭﺟﻬﻪ ...
ﻻ ﺗﺸﺮﺣﻮﺍ ﺍﻷﻣﻮﺭ!
ﺃﻧﺎ ﺭﺃﻳﺘﺎ ﺟﺮﺣﻪ
ﺣﺪﻗّﺖ ﻓﻲ ﺃﺑﻌﺎﺩﻩ ﻛﺜﻴﺮﺍ ...
" ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﻃﻔﺎﻟﻨﺎ "
ﻭ ﻛﻞ ﺃﻡ ﺗﺤﻀﻦ ﺍﻟﺴﺮﻳﺮﺍ !
ﻳﺎ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ
ﻻ ﺗﺴﺄﻟﻮﺍ : ﻣﺘﻰ ﻳﻌﻮﺩ
ﻻ ﺗﺴﺄﻟﻮﺍ ﻛﺜﻴﺮﺍ
ﺑﻞ ﺍﺳﺄﻟﻮﺍ : ﻣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻴﻘﻆ ﺍﻟﺮﺟﺎﻝ

  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
Lights || إضاءات

إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق